لم يكن يخطر ببال بسمة أن تفقد صديقتها هبة بمجرد أن تزوجت، فقد كانت تعتقد أن علاقتها بهبة من المحال أن تتأثر بأي شئ حتى وأن كان زواج إحداهما.
فلطالما اتفقتا على عدم التفرق، ولكن الأيام كانت كفيلة بتغيير كل شئ.. وما زاد من ضيق بسمة هو تلميحات قريبة لها بأن ابتعاد صديقتها عنها لم يكن إلا خوفًا من أن تحسدها لأنها لم تلحق بقطار الزواج بعد.
وتساءلت بسمة مع نفسها: أحقًا كان ابتعاد صديقة عمرها عنها خوفا من الحسد، أم أنه انشغال طبيعي بحياتها الجديدة؟
وعن أسباب بعد المتزوجات عن صديقاتهن كان لموقع رسالة المرأة هذا التحقيق.
تقول مديحة إبراهيم " إن اختلاف قوة الصداقة يختلف بعد الزواج لا لشئ غير أن دائرة الاهتمام تتوسع بعد الزواج، فيصبح المرأة واجبات زوجية، وواجبات منزلية.
وأخرى اجتماعية تجاه أهل الزوج حيث يتعين عليها تقوية روابط الود معهم وتبادل الزيارات، مما يقلص وقت الفراغ لديها ويؤثر بالطبع على علاقاتها بصديقاتها بعد الزواج".
وتؤيدها في الرأي نهي سعيد بقولها "إن أولويات الفتاة تتغير وتختلف بعد الزواج، فقبل الزواج تكون الصداقة من أهم الأمور بالنسبة إليها، ولكن بعد الزواج يكون الزوج والمنزل رقم واحد في حياتها.
فهي تسعى بعد زواجها لأن تثبت نفسها وأنها قادرة على إدارة أمور مهمتها الجديدة، بالإضافة إلى أن المرأة لاتملك زمام الخروج بيدها بعد الزواج ولابد من أن ترجع إلى زوجها قبل أن تذهب إلى زيارة أهلها فضلا عن صديقاتها".
الصديقة المتزوجة أفضل!
ولكن نجلاء محمود لها رأي أخر مختلف عن الأراء السابقة فهي ترى أن الفتاة بعد الزواج تفضل أن تبحث عن صديقة متزوجة لكي تفيدها من تجاربها عندما تلجأ لها في المشورة.
وترى أنها ستفهم ما تحكيه وما تقوله على عكس صديقاتها اللائي لم يتزوجن بعد، واللاتي قد يفهمن من حديثها عن الزواج أنه محاولة للتباهي من جانبها.
وتشابهها في الرأي حسناء حسني فتقول: "عندما تزوجت قررت بالفعل أن أخفف علاقتي بصديقتي لا لشئ غير أنها كانت عندما تراني أبعد عنها في بعض الأوقات بسبب تجهيزات الفرح كانت تقول " خلاص تغيرتي".
وتكرارها لهذه المقولة ولد لدي إحساس بأنها تحسدني وتغير مني فقررت أن أبعد عنها، خاصة أنني وطدت علاتي بأهل زوجي، وتعرفت على العديد من حديثات الزواج مثلي وأصبحت أميل لجلساتهن والحديث معهن".
اختيار غير صحيح:
وعن تفسير بعد البنات عن الأصدقاء بعد الزواج يقول الدكتور رفعت عبد الباسط - أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان- أن تفتيت الصداقة بعد الزواج يرجع إلى عدم الاختيار الصحيح للصديقات منذ البداية.
فهناك الصديقة الغيورة التي تفضل المرأة الابتعاد عنها بعد الزواج، وهناك الثرثارة التي لا تتماشى مع ضغوط الحياة وضيق الوقت بعد الزواج، مؤكداً أن الصداقات الحقيقية تبقى صامدة أبد الدهر، مهما واجهت من صعاب بسبب ظروف الحياة.
اختلاف الحالة النفسية:
ومن جانبها تري د. نهلة ناجي أستاذة الطب النفسي بعين شمس: أن الحالة النفسية للفتاة تختلف قبل الزواج عن بعده، فنجد الفتاة قبل الزواج تهتم بالملابس والخروج مع صديقاتها.
وقلّما يتحكم أحد في الوقت الذي تقضيه خارج المنزل، فالالتزامات والقيود في بيت الزوجية أكبر منها في بيت الأهل، فالفتاة يكون لديها وقتًا متاحًا لصديقاتها وتقوية علاقتها بهن.
وتضيف أستاذة الطب النفسي: أما بعد الزواج فيصبح لديها ارتباطات كثيرة وزوج تشاركه الآراء كما يظهر نوع آخر من العلاقات الاجتماعية وهي ضرورة زيارة أو استقبال والدته علي الأقل مرة في الأسبوع، فالحياة تختلف بالطبع بعد الزواج.
خطأ جسيم:
ويوضح الدكتور هاشم بحري - أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر- أن المرأة ببعدها عن صديقاتها بعد الزواج تخطئ في حق نفسها دون أن تدري، فتتصور دائماً أنها عندما تلغي حياتها وتكرس معظم وقتها للمنزل والزوج تبني أسرة سعيدة، وهو ما لا يطيقه الرجل الذي يحب أن يخرج مع أصدقائه.
ويقول: من هنا تدب الخلافات بينهما، فهي ترى أنه يجب أن يسخِّر نفسه لها كما تفعل هي، دون أن تنتبه إلى أن الإنسان الطبيعي المتوازن هو القادر على القيام بواجبه تجاه نفسه وتجاه عائلته..
وينصح الدكتور هاشم جميع الزوجات بضرورة عدم التخلي عن الصديقات، والحرص على التواصل معهنّ قدر المستطاع لتحقيق التوازن النفسي، مؤكداً أن الدراسات الجديدة أثبتت أن تمضية وقت سعيد برفقة الأصدقاء والعائلة يقلل من خطر الموت المبكر بنسبة 50 في المئة.
الكاتب: بدرية طه
المصدر: موقع رسالة الإسلام